سلسلة تجارب دولية: نماذج عالمية ملهمة لتطوير مختلف جوانب الحياة

سلسلة تجارب دولية: نماذج عالمية ملهمة لتطوير مختلف جوانب الحياة

إعداد / فريق الخبراء – وزارة التخطيط

🟢 التجربة الأولى

🟠 تنظيم عمل الباعة أصحاب الأكشاك الصغيرة: ضرورة تنموية في العراق

🔸 شهدت بغداد خلال الأيام الماضية حملة حكومية لإزالة التجاوزات العشوائية من الشوارع العامة والتجارية، في إطار إعادة الوجه الحضري للعاصمة وتطويرها بما يليق بمكانتها. ورغم أهمية هذه الإجراءات، فإن الحاجة ما تزال قائمة لإيجاد حلول بديلة ومستدامة لأصحاب الأكشاك الصغيرة (البسطيات)، تضمن استمرار مصدر رزقهم وتحافظ على النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمدينة.

🔸 فبدلاً من النظر إلى هؤلاء الباعة باعتبارهم “تجاوزات”، ينبغي التعامل معهم كفئات هشة تشكّل جزءاً حيوياً من الاقتصاد غير الرسمي، بما يوفرونه من سلع أساسية بأسعار تنافسية للفقراء على وجه الخصوص. إن تنظيم عملهم لا يعزز فقط النظام الحضري، بل يفتح المجال أيضاً أمام دعم سبل عيشهم وتحويلهم إلى مساهمين فعّالين في الاقتصاد المحلي.

🔸 وانطلاقاً من ذلك، من المهم الاطلاع على تجارب دولية ملهمة نجحت في تنظيم عمل هذه الفئات، وابتكرت نماذج حضرية واجتماعية واقتصادية أثبتت فاعليتها، مثل تجارب سنغافورة وكوريا الجنوبية، وغيرها من الأمثلة العالمية.

🟢 التجربة السنغافورية: مراكز الباعة الجوالين

🔸 اعتمدت سنغافورة نموذجاً فريداً لتحويل البيع المتجول من نشاط عشوائي إلى مهنة منظمة داخل مراكز مخصصة للباعة. لم تقتصر الجهود على إزالة الباعة من الشوارع، بل رافقها دعم اقتصادي عبر توفير إيجارات مدعومة للأكشاك لفترات طويلة، إلى جانب برامج تدريبية لتطوير مهاراتهم في إدارة الأعمال وخدمة الزبائن وحتى الطهي المحلي.

🔸 تحولت هذه المراكز إلى عقد اجتماعية نابضة بالحياة، تجمع بين مختلف الفئات وتساهم في تعزيز الروابط المجتمعية، فضلاً عن مساهماتها الاقتصادية في توفير فرص عمل والحفاظ على أسعار معقولة للسلع. دراسة استقصائية أظهرت أن 81% من السكان يرون أن هذه المراكز تلعب دوراً مهماً في استقرار النسيج الاجتماعي، إلى جانب دورها في تقوية الاقتصاد المحلي.

🟢 التجربة الكورية الجنوبية: نموذج للتنمية الحضرية المستدامة

🔸 في كوريا الجنوبية، تولت الحكومات المحلية مهمة تنظيم الأسواق الصغيرة عبر سياسات واضحة حددت مواقع البيع، شروط الترخيص، وضوابط الصحة العامة. من أبرز النماذج سوق منظم تحت الأرض في العاصمة سيول، حيث تتوزع الأكشاك الصغيرة في فضاء حضري مرتب ونظيف، يجذب السكان المحليين والسياح على حد سواء.

🔸 هذا النموذج وفّر فرص عمل منظمة، قلل من الفوضى والتلوث، وخلق بيئة تسوق مريحة وآمنة. كما أصبحت هذه الأسواق مراكز جذب سياحي واقتصادي، ما يوضح أهمية الدمج بين التنظيم الحضري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

🟡 نماذج عالمية أخرى

🔺 الأسواق الأسبوعية: مثل سوق الجمعة في الكويت، حيث يخصص يوم محدد للباعة في فضاء منظم.

🔺 الأسواق الليلية: كما في تايلاند وماليزيا وتركيا، التي تحولت إلى وجهات سياحية وتجارية.

🔺 أسواق المزارعين: في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، توفر منصات مباشرة للمزارعين لبيع منتجاتهم الطازجة، وتحقق فائدة مزدوجة: دعم المنتجين وضمان غذاء صحي للمستهلكين.

🟢 التجربة المحلية: أسواق “الهايبر ماركت”

🔶 خطت الحكومة العراقية خطوات مهمة عبر إعادة تفعيل “الأسواق المركزية” بصيغة “هايبر ماركت”. ويمكن استثمار هذه التجربة لدعم أصحاب الأكشاك الصغيرة، من خلال تخصيص مساحات داخل هذه الأسواق لهم أو عبر عقود توريد مباشرة، بما يعزز المنتج المحلي ويخلق فرص عمل منظمة داخل بيئة حضرية حديثة.

🟡 الدور الحكومي في العراق

🔶 سبق لوزارة التخطيط وأمانة بغداد أن وفرتا أكشاكاً منظمة ضمن استراتيجية التخفيف من الفقر، في محاولة لدعم الباعة وتحسين أوضاعهم. 

🔸 ورغم أهمية هذه الخطوات، إلا أنها ما تزال بحاجة إلى تطوير عبر الاستفادة من التجارب الدولية، لضمان استدامتها وتأثيرها الإيجابي على الاقتصاد والمجتمع.

🟣🟣 خطوات مقترحة:

🔷 إنشاء مراكز وأسواق مخصصة للباعة على غرار سنغافورة.

🔷 تقديم دعم اقتصادي وتدريب مهني للباعة.

🔷 تعزيز الرقابة الصحية وتنظيم الأسعار.

🔷 استثمار الساحات العامة والحدائق كمواقع للأسواق الأسبوعية والليلية.

🔷 إشراك القطاع الخاص لرعاية وتنظيم هذه المبادرات.

🔷 إطلاق حملات إعلامية وتطبيقات رقمية للتعريف بمواقع ومواعيد الأسواق.

🔷 تنفيذ مشاريع تجريبية في بغداد والبصرة كنماذج أولية قابلة للتوسع.

🔘🔘 الخاتمة

🔶 تؤكد التجارب الدولية أن تحويل عمل الباعة وأصحاب الأكشاك من “تجاوزات” إلى أنشطة منظمة يمكن أن يحقق فوائد متعددة: نظام حضري متطور، فرص عمل جديدة، دعم للاقتصاد المحلي، وتعزيز للتكافل الاجتماعي. ومع تبني رؤية واضحة تستند إلى النماذج العالمية وتتكيف مع الخصوصية العراقية، يمكن لهذه الفئات أن تتحول إلى ركيزة تنموية فاعلة في مسيرة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *